الديناميكيات التي تشكل أسواق الطاقة العالمية في عام 2023   
تحليل سياسي - د. محمود المنير - 14/01/2023
237 مشاهدة
pdf


ألقى "أومود شوكري" خبير السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية الضوء على العوامل الرئيسية التي من المتوقع أن تشكل ديناميكيات أسواق الطاقة العالمية في 2023، مرجحا أنه لن يكون عاما سهلاً لهذا السوق والاقتصاد العالمي.

وذكر في تحليل نشره "منتدى الخليج الدولي" وترجمه "مركز أفق المستقبل للاستشارات"، أنه بعد عام من الاضطرابات غير المسبوقة، ثمة احتماليين رئيسيين لأسواق الطاقة في عام 2023. فإلى التفاصيل:

الاحتمال الأول، يتمثل في عودة أسعار الطاقة العالمية إلى "وضعها الطبيعي الجديد" في عام 2023، أما الثاني فهو أن تتكبد السوق مزيد من الأضرار؛ سواء بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية الجارية أو مستجدة.

تشير توقعات البنك الدولي بانخفاض أسعار الطاقة التي ارتفعت بنسبة 60% خلال 2022، وبنسبة 11٪ في عام 2023، موضحا أن ذلك يرجع في جزء كبير منه إلى تباطؤ النمو في الصين خلال عمليات الإغلاق لمواجهة فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد-19).

ومن المرجح أن يكون لسياسات الحكومة الصينية المتعلقة بـ"كورونا" خلال العام الجاري تأثيرا كبيرا على أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال.

و المؤشرات المبكرة الموجودة حاليا على اتجاه بكين للتخلي عن موقفها الرامي للوصول إلى الحياد الكربوني؛ سيكون له آثار مشجعة على زيادة أسعار الهيدروكربونات.

وتشير التقلبات في سوق النفط في عام 2022 إلى أن الأحداث الجيوسياسية ونمو الاقتصاد العالمي سيستمران في تشكيل سوق النفط في عام 2023.

وكانت أسعار خام برنت ترتفع في بداية عام 2022 مع تراجع التباطؤ الناجم عن الوباء في الاقتصاد العالمي، حيث وصل سعره إلى 130 دولارًا للبرميل في مارس/آذار في الأيام الأولى من الغزو الروسي.

ومن المتوقع أن ينمو الطلب على خام برنت بشكل أبطأ مما كان عليه في حقبة ما قبل جائحة كورونا؛ وبينما زاد الطلب بمعدل مليوني برميل يوميًا في عام 2019، من المتوقع أن يرتفع بمقدار 1.7 مليون برميل يوميًا في عام 2023.وما يقرب من نصف هذا الطلب المتوقع يعتمد على انتعاش اقتصاد الصين.

وربما تكون أسعار النفط والغاز الأوروبية قد انخفضت من أعلى مستوياتها في أوائل عام 2022، لكن المخاوف بشأن الطلب لا تزال قضية ملحة.وسعت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في عام 2022، إلى خفض إنتاج النفط من أجل رفع الأسعار، مما أثار حفيظة الولايات المتحدة.

وبررت "أوبك" قرارها في حينها بالادعاء بأنها كانت تقلل إنتاج الكربون وتعيد تعريف معداتها بما يتماشى مع خطط تغير المناخ.وعادة ما ظل هدف "أوبك" طويل الأجل يتمثل في الحفاظ على "استقرار الأسعار"، مما يضمن استمرار تشغيل حقول النفط الحالية دون خفض الأسعار العالمية.

السياسة والطاقة

ومن المتوقع أن يتصرف سوق النفط بشكل مختلف تمامًا بحلول أوائل عام 2023 حيث ينتظر العالم نتائج الأحداث التي يمكن أن تغير العرض والطلب في الأيام والأسابيع المقبلة.

وتلعب صادرات النفط دورًا مهمًا بشكل خاص في اقتصاد السعودية، حيث تراجعت جهود التنويع الاقتصادي في البلاد عن المعايير القياسية بموجب خطة إصلاح "رؤية 2030".

وتشير تصرفات الرياض إلى أنه على الرغم من الاضطرابات في سوق النفط والخوف من ركود السوق، هناك ثقة في عائدات البلاد.

وتتوقع سلطات الدولة أن يصل فائض الميزانية لعام 2023 إلى 4.3 مليار دولار أمريكي.

وفق صندوق النقد الدولي، يمكن للسعودية أن تصل إلى مستوى 73.30 دولارًا للبرميل، وتتحول إلى 66.80 دولارًا العام المقبل.

اقترح محللون مستقلون أن ميزانية الرياض لعام 2023 تفترض سعرًا للنفط يتراوح من 70 دولارًا إلى 80 دولارًا للبرميل.

في هذا الصدد يشير "مازن السديري"، رئيس الأبحاث في شركة الراجحي المالية، إلى أنها تستند إلى رقم 78 دولارًا للبرميل.

في الوقت ذاته، تتطلع الإمارات إلى زيادة إنتاج كل من النفط والغاز، وهي خطوة يمكن أن تثير التوترات بينها وبين "أوبك"، التي سعت إلى إبقاء الأسعار مرتفعة على مدار العام.

تخطط شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) لاستثمار 150 مليار دولار، بدلاً من 127 مليار دولار المقترحة في البداية، في الفترة التي سبقت عام 2027.

وبينما وصلت صادرات النفط الإماراتية إلى حوالي 3.7 مليون برميل يوميًا ووصل العراق إلى حوالي 4.5 مليون برميل يوميًا، تشير التقديرات إلى أن صادرات النفط الإيرانية اليومية ستظل عند 1 إلى 1.5 مليون برميل يوميًا فقط في عام 2023.

يتم تبادل النفط الإيراني، الخاضع لعقوبات دولية واسعة النطاق منذ 2018، بخصم كبير في الأسواق غير الرسمية.

لا تنتهي مشاكل سوق النفط الإيراني عند هذا الحد، والآن حددت مجموعة الدول السبع وأستراليا سقفاً سعرياً قدره 60 دولاراً للنفط الروسي - مما أبقى أسعار الإمدادات الإيرانية منخفضة بشكل فعال.

وفقًا لخطة مجموعة السبع، إذا باعت روسيا نفطها بسعر 60 دولارًا أو أقل، فيمكنها استخدام الإعفاء من العقوبات على ناقلات النفط وشركات التأمين، وقد أدى هذا الوضع إلى انخفاض أسعار النفط وجعل الصادرات الإيرانية أقل قدرة على المنافسة.

بعد الحرب في أوكرانيا والحصار المفروض على نفطها، غيرت روسيا أيضًا سوقها من أوروبا إلى آسيا، ولا سيما الصين، مما قلل من حصتها السوقية في هذه المناطق.

ومن المرجح إذا استمرت الحرب في أوكرانيا، أن تستمر العقوبات ضد روسيا أيضًا، مع تداعيات مقلقة على مستقبل سوق النفط الإيراني.

في غضون ذلك، تتضاءل احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي في إيران مع تنامي الغضب الغربي من حملة الحكومة الإيرانية على حركتها الاحتجاجية المحلية وبيعها طائرات بدون طيار لروسيا لاستخدامها في أوكرانيا.

عندما يتعلق الأمر بالصين، من المرجح ألا تسعى الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات مالية عليها وستحافظ على ضوابط التصدير أثناء إنشاء نظام للسيطرة على الاستثمار المتجه للصين.

وإذ استخدمت إيران أدوات متعددة للالتفاف على العقوبات والحفاظ على أرباحها من العملات الأجنبية وحصتها في السوق.

ويمكن أن تلعب التحولات السياسية الجيوسياسية - العقوبات على روسيا، والمفاوضات النووية مع إيران، والتقارب الأمريكي مع فنزويلا، وسياسات حصص الإنتاج الخاصة بمنظمة أوبك دورًا في تشكيل سوق الطاقة في 2023.

اتجاهات أوسع

وهناك 6 عوامل رئيسية هي التي ستحدد اتجاه سوق الطاقة في عام 2023. هذه العوامل تتمثل في الحرب في أوكرانيا، والتوترات بين روسيا والغرب، وسياسات "أوبك+"، والتغيرات في قيمة الدولار الأمريكي، وحالة الاقتصاد الصيني، والسياسات النقدية للبنوك المركزية الرئيسية التي تؤثر على الأنشطة الاقتصادية

ويمكن أن تستمر الاتجاهات التي لوحظت في سوق النفط العام الماضي في العام المقبل، أو قد تشهد تأثير عوامل جديدة.

وربما يكون العامل الأكثر أهمية هو مصير الحرب في أوكرانيا. إذا استمرت الحرب، ستستمر التوترات بين أوروبا وروسيا، مما يؤدي إلى تفاقم أزمة الطاقة العالمية.وبالنظر إلى المخاوف بشأن الركود في الاقتصاد العالمي واستمرار سياسة الكرملين في سوق النفط، يبدو أن هناك عامًا صعبًا أمام الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة.

أي هجوم على البنية التحتية للطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي سيؤدي إلى مزيد من الفوضى في سوق الطاقة، مشيرا إلى أنه إذا انتهى الغزو الروسي لأوكرانيا من خلال المفاوضات، فسوف يلعب دورًا مهمًا في أمن الطاقة في أوروبا والاستقرار الاقتصادي لروسيا.

كما ستعلب مغامرات الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" دورًا مهمًا في سوق الطاقة وستواصل "أوبك" دورها النشط في السوق، بينما ستواجه إيران تحديات خطيرة واستعدت السعودية والإمارات على نطاق واسع لأي سيناريوهات محتملة. وأخيرا لن يكون العام المقبل عاماً سهلاً لسوق الطاقة العالمي والاقتصاد العالمي".

المصدر: منتدى الخليج الدولي

كتب: أومود شوكري

رابط التحليل: https://bit.ly/3w3j0Df

 




أرسل رسالتك

موضوعات ذات صلة

الكلمات الدلالية

الملفات المرفقة

يحصل الأعضاء المشتركون في الموقع على الخدمات بشكل دوري خلال فترة العضوية مقابل اشتراك رمزي

اشترك الآن مشترك موجود
ارسل
عن الكاتب

د. محمود المنير

- دكتوراه الإعلام والعلاقات العامة